الاثنين، 4 فبراير 2013

.الشورى
د. راغب السرجاني العلوم السياسية والإدارية



16/05/2010 - 8:34am53لا يمكن بأي حال أن نتطرق إلى المؤسسة السياسية الإسلامية دون الحديث عن واحدة من أهم مميزات هذه المؤسسة؛ فالإسلام قد جاء بمبدأ إنساني غاية في العظمة والروعة، وهو مبدأ الشورى، بل سُميت سورة من سور القرآن الكريم باسم "الشورى"؛ دلالة على أهمية تحقق هذا الشرط في أي شأن من شئون المسلمين.



وعلى الرغم من اختلاف الفقهاء حول آليات تنفيذ هذا المبدأ من ناحية الاختيار أو الوجوب والإلزام، لكنهم مُجْمِعُون على ضرورة تَحَقُّقها بين المسلمين[1] مصداقًا لقوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: 159].



مفهوم الشورى

وتُعرَّف الشورى بأنها طلب الرأي ممن هو أهل له، أو هي استطلاع رأي الأمة أو من ينوب عنها في الأمور العامة المتعلقة بها[2]، وعليه فقد اتخذ المسلمون الشورى أصلاً وقاعدة من أصول الحكم وقواعده، وعليها قام ترشيح العدول من المسلمين لمن يرونه أهلاً للقوَّة والإمامة لتولِّي أمرهم؛ ومما يؤكِّد ذلك ويؤصِّله أن الرسول لم يترك نصًّا مكتوبًا ولم يستخلف أحدًا ليتولَّى إمامة المسلمين، وإنما ترك الأمر شورى بينهم، وقد روى أبو وائل قال: قيل لعلي بن أبي طالب : ألا تستخلف علينا؟ قال: "ما استخلف رسول الله فأستخلف، ولكن إن يُرِدِ اللهُ بالناس خيرًا فسيجمعهم بعدي على خيرهم، كما جمعهم بعد نبيهم على خيرهم"[3].



أهمية الشورى

تعتبر الشورى أصلاً من الأصول الأولى للنظام السياسي الإسلامي، بل امتدَّت لتشمل كل أمور المسلمين؛ وتأسيسًا على ذلك فإن الدولة الإسلامية تكون قد سبقت النظم الديمقراطية الحديثة في ضرورة موافقة الجماعة على اختيار مَنْ يقوم بولاية أمورها ورعاية مصالحها وتدبير شئونها؛ ممَّا يؤكِّد قيمة وفاعلية الإجماع عند المسلمين[4].



أهل الحل والعقد

لكن من هُمْ أهل الشورى؟ أو أهل الاختيار؟ أو كما قال عنهم فقهاء المسلمين ومؤرخوهم: أهل الحل والعقد.



هناك اتفاق بأن الشورى في الإسلام منوطة بفئة من المسلمين يُطلق عليهم أهل الشورى (الحلِّ والعقد)، وقد تحدَّث الفقهاء عن ضرورة توافر بعض الشروط فيهم؛ وهي: العدالة، والعلم، والرأي، والحكمة. ومن ثَمَّ يمكن إجمالهم في "العلماء والرُّؤساء ووجوه النَّاس الَّذين يتيسَّر اجتماعهم"[5].



لذلك كانت الشورى من الأمور الضرورية الملحة التي يفرضها الإسلام على ولاة الأمور، ويمكن القول: إنها من أهم المظاهر الحضارية التي أسهم المسلمون في إيجادها وإرسائها في المجتمع الإسلامي، وتأثر بها الآخرون، خاصة في أوربا منذ القرن الثالث عشر الميلادي، ولذلك كانت الشورى نوعًا من التعبير عن الإرادة الإلهية؛ استنادًا إلى ما يقوله الرسول : "إِنَّ أُمَّتِي لاَ تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلاَلَةٍ"[6].



ويهمنا أن نلاحظ أن الخليفة في الإسلام لا يمكن أن يُعطي لنفسه حق التعبير عن الإرادة الإلهية، أي أنه لا يملك أن يُصدر تشريعًا؛ لأن سلطة التشريع لجماعة المسلمين أو مجموع الأمة[7]، وهذا بالطبع في حالة غياب نصٍّ صريح قطعي الدلالة من القرآن والسنة.



الشورى في اختيار عثمان بن عفان

ومن أبرز الأمثلة التي تُدلل على رُقي مبدأ الشورى وتفوقه على غيره من الآليات والوسائل المستحدثة في تولية الحاكم، ما لمسناه في واقع الخلفاء الراشدين، فعندما طُعن عمر بن الخطاب وقارب الأجل، سأله الصحابة أن يترك عهدًا لمن سيخلفه فرفض، بيد أنه جعل البيعة في ستة من صحابة رسول الله ، وهم الذين أجمعت الأمة على صلاحهم والالتفاف حولهم، ومن ثَمَّ قرَّر عمر أن يوقظ أمر الشورى بين المسلمين، فقال: "عليكم هؤلاء الرهط الذين قال رسول الله : إنهم من أهل الجنة. سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل منهم؛ ولست مدخله؛ ولكن الستَّة: عليٌّ وعثمان ابنا عبد مناف، وعبد الرحمن وسعد خالا رسول الله ، والزبير بن العوام حواريُّ رسول الله وابن عمته، وطلحة الخير بن عبيد الله ؛ فليختاروا منهم رجلاً؛ فإذا وَلَّوا واليًا فأحسنوا مؤازرته وأعينوه، إن ائتَمَن أحدًا منكم فليؤدِّ إليه أمانته..."[8].



وبعدما فرغ المسلمون من دفن عمر بن الخطاب ، اجتمع مجلس الشورى، وفي داخل هذا المجلس المحدَّد عددًا بستة أفراد، وزمنًا بثلاثة أيام، استطاع المجتمعون أن يفرغوا من الأمر بسلام، حيث تمكَّنوا من تولية عثمان بن عفان ، وكان أولُ المبايعين المنافسَ الأول علي بن أبي طالب ، وهذا دليل على رُقي نظام الشورى الإسلامي القائم على احترام حرية الأمة في الاختيار؛ فأهل المدينة قد وافقوا على ترشيح عمر بن الخطاب لمن عَيَّنهم لأمر الخلافة، ولم يكن هذا الترشيح من عمر قسرًا للأمة وإجبارًا لها، ثم وافق أعضاء الهيئة الاستشارية، وهم في ذات الوقت المرشحون أنفسهم على استخلاف أحدهم وهو عثمان ، ولم تكن موافقتهم وحدها هي المعتمد في تنصيب عثمان ، بل استشير في هذا الأمر كلّ من كان بالمدينة من ساكنيها، أو من زوارها، أو القادمين إليها من أمراء الأجناد وأشراف الناس[9]، ومن ثَمَّ فقد اجتمعت الأمة كلها، والمتمثلة في الأنصار والمهاجرين على عثمان وبايعوه.



الفرق بين الشورى والديمقراطية

ويبقى أن نشير إلى أن نظام الشورى الإسلامي يختلف كثيرًا عن النظم الديمقراطية الوضعية، فالديمقراطية التي تعتبر حكم الشعب للشعب، ينتج عنها أن الشعب هو الذي يضع دستوره وقوانينه، وهو السلطة القضائية التي تحكم بين الناس بتطبيق القوانين الموضوعة، وحتى يتمكن الشعب من مباشرة سلطة التشريع، ووضع القوانين، والفصل بين السلطات، يتم اللجوء إلى إجراء انتخابات عامة، والتي ينتج عنها اختيار مجموعة من الأفراد، يكونون قادرين على مراقبة سائر السلطات، فمن حق هذه الهيئة المنتخبة عزل الوزراء، ومحاسبة المسئولين وعلى رأسهم رئيس الدولة.



ومع وجاهة هذا الأمر إلا أن نظام الشورى الإسلامي يختلف عن هذا التصور؛ فالشورى في الإسلام تقوم على حقيقةٍ، مفادها أن الحكم هو حكم الله المنزَّل بواسطة الوحي على رسول الله ، الذي يُعدُّ الالتزامُ به أساس الإيمان، والعلماء هم أهل الحلِّ والعقد، وهم على رأس رجال الشورى، وليس للعلماء مع حكم الله في إطار الشورى إلا الاجتهاد في ثبوت النصِّ، ودقَّة الفهم، ورسم الخطط المنهجية للتطبيق.



والحقُّ أن النظام الديمقراطي يَسْهُل التحايل عليه، من خلال سيطرة بعض الأحزاب أو القوى على العمل السياسي في دولة من الدول، ومن ثَم يفرض هذا الحزب، أو تلك الفئة وجهة نظرها على الأمة، لكن الشورى تجعل الهيمنة لله وحده، فتُعْلِي حُكْمه وتشريعه على سائر الأحكام والتشريعات، فتؤدِّي إلى ظهور رجال يعيشون في معية الله، ويخشونه بصدق[10].



ويبقى أن نشير إلى أن هذا النظام الإسلامي الباهر ظهر في وقت سيطرة الديكتاتوريات على أنظمة الحكم في العالم، سواء في بلاد الفرس أو الروم أو الهند أو الصين، وأن العالم لم يعرف هذه الشورى ولا حتى الديمقراطية -الأقل شأنًا من الشورى- إلا بعد ما يقرب من اثني عشر قرنًا من الزمان، وذلك بعد قيام الجمهورية الفرنسية وذهاب النظام الملكي فيها، ولهذا فالشورى -بلا جدال- تُعدُّ واحدة من أعظم إسهامات المسلمين للحضارة الإنسانية.



وبعدُ؛ فإننا لن نستطيع أن نستقصي كل ما أتت به هذه الحضارة الإسلامية العريقة، وكفى ما مرَّ بنا دليلاً على رُقي وعِظم حضارتنا في مجال من أهم مجالاتها على الإطلاق.



د. راغب السرجاني

نقله للفائدة
عبد الفتاح السقا

الاثنين، 28 نوفمبر 2011

الهجرة النبوية بين أخذ بالأسباب ومعونة الله



بسم الله الرحمن الرحيم
{‏إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ‏}‏ ‏[‏سورة التوبة‏:‏ آية 40‏
من سنن الله فى كونه أن معونته لا يمنحها الا لمن يبذل الوسع ويأخذ بالأسباب .
وهذا ما نتعلمه من الهجرة فحينما ينظر المتأمل فى نجاة النبى ونجاحه فى الهجرة يقول أن النبى نجا ونجح لأن الله مده بمدد من جنوده عند باب بيته , وعند باب الغار وعندما لحق به سراقة بن مالك بل ان قلوب أهل المدينة إنما فتحت للنبي لما كان يقوله لهم اليهود أنه ظهر نجم نبى نتبعه ونقاتلكم معه قتل عاد وارم .فكان ذلك سبب فى تقبل أهل المدينة لدعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم
قال تعالى
{وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ} - البقرة 89
ولكن ومع هذا فان النبى ورغم يقينه وثقته بمعية الله له لكنه صلى الله عليه وسلم أخذ بالأسباب وأعد الراحلة , وأعد الدليل , وأعد خطة التمويه فى غار ثور, وأعد من ينقل لهم أخبار , ومن يأتي لهم بالطعام وأعد خطة محكمة للخروج من مكة .
وقد يتساءل الإنسان ألم يكن بمقدور الله أن أن ينقل الله نبيه من مكة الى المدينة كما حدث فى الإسراء والمعراج بالبراق ؟
بلى فالله على كل شيء قدير ولكن النبي قدوتنا ومعلمنا نتعلم منه الأخذ بالأسباب ويعلمنا أن الله لا يعطى مدده الا لمن يستنفذ الأسباب .
نعم بذل النبى كل ما بوسعه واتخذ من التدابير ما ينجيه وصاحبه لن معونة الله هى التى كانت فاصلا ما بن النجاة والموت فتجلت فى أعظم صورها حينما وقف الشباب على باب بيت النبى ينتظرون خروجه من بيته لقتله , ولكن جعل الله من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشاهم الله فلم يبصروا ونجاه الله .
(وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون ) سورة يس
وكان من صورها حينما كان النبى فى غار ثور وكان الكفار المتتبعين للأثر وصلوا لباب الغار وقال أبو بكر لرسول الله لو نظر أحدهم عند قدمه لرأنا فقالها النبى ما ظنك باثنين الله ثالثهما ونجاه الله .
قال الإمام البخاري في (كتاب التفسير) من صحيحه:
حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا حبان حدثنا همام حدثنا ثابت حدثنا أنس قال: حدثني أبو بكر رضي الله عنه قال: ((كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار فرأيت آثار المشركين قلت: يا رسول الله، لو أن أحدهم رفع قدمه رآنا قال: ما ظنك باثنين الله ثالثهما)).
والموقف مع سراقة بن مالك حينما لحق بالنبى وساخت قدمه فى الرمال أكثر من مرة وعلم أنه ممنوع فطلب من النبى مكرمة اذا علا شأنه وكتب له النبى بذلك كتابا وقال له (كيف بك يا سراقة إذا لبست سواري كسرى) ونجى الله نبيه مما كان يريد سراقة .
وأمر شاة أم معبد التى كانت طعام النبى بمعجزة من الله ومنحة منه .
فمعية الله لم تفارقه وحماية الله لم تتركه ولكن بعد ما أخذ بالأسباب وبذل الوسع فى تحقيقها واذا كنا نريد أن نعيد المجد لأمة الإسلام فلنأخذ بأسباب المجد ونبذل كل ما بوسعنا وهنا فقط تأتينا معونة الله ونصره .

عبد الفتاح السقا

الخميس، 10 نوفمبر 2011

الهجرة ومعايير الإختيار


كنت أسأل دائما حينما ندرس الهجرة فى السيرة النبوية سؤال.
اذا كان النبى هو أصدق الناس وأأمن الناس وأوفى الناس لماذا يخرج من مكة ؟
بل كيف لمكة أن تفرط فى رجل فيه كل هذه الصفات الجليلة ؟؟؟؟!
وهذا على اعتبار أن الإنسان يقيس بمقايس الفطرة السوية والعدل الإنسانى
أن الناس لابد وأن يحبون صاحب الخلق النبيل ويتبعون من ائتمنوه على أموالهم ويصدقون من لم يجربوا عليه كذبا .
لكن أحيانا تتضارب المصالح والمنافع , فتغير من عدالة ميزان التقييم عند الناس فيصبح الصادق الأمين (كاذبا مجنون ) حشاه صلى الله عليه وسلم ويصبح الكاذب الخئون مصدقا عند الناس
أخبرنا النبى صلى الله عليه وسلم بمثل هذا.
فقال فى حديث له
وروى يزيد بن هارون أنبأنا عبد الملك بن قدامة عن المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: سيأتي على الناس زمان سنوات خداعات: يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة. قيل يا رسول الله وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه ينطق في أمر العامة
أصحاب المصالح فى مكة وأصحاب الزعامات خافوا على كراسيهم وتعجبوا من نزول الوحى على محمد اليتيم (صلى الله علية وسلم ) الذى هو من عبد مناف الذين تساوو معهم فى الفضل حتى كانوا كفرسى رهان
فما وجدوا حلا لأزمتهم هذه الا أن يشنوا حربا اعلامية لتشويه سمعة النبى صلى الله عليه وسلم .
وهم فى قرارة نفوسهم يوقنون بصدق النبى لكن انظر ماذا صدهم عن اتباعه وتصديقه
ذكر بن كثير

حدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري أنه حدث أن أبا سفيان بن حرب وأبا جهل بن هشام والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي حليف بني زهرة خرجوا ليلة ليستمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بالليل في بيته فأخذ كل واحد منهم مجلسا يستمع فيه وكل لا يعلم بمكان صاحبه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا حتى إذا جمعتهم الطريق تلاوموا وقال بعضهم لبعض لا تعودوا فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئا ثم انصرفوا حتى إذا كانت اللية الثانية عاد كل رجل منهم إلى مجلسه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا وجمعهم الطريق فقال بعضهم لبعض مثل ما قال أول مرة ثم انصرفوا حتى إذا كانت الليلة الثالثة أخذ كل رجل مجلسه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا فجمعتهم الطريق فقال بعضهم لبعض لا نبرح حتى نتعاهد لا نعود فتعاهدوا على ذلك ثم تفرقوا فلما أصبح الأخنس ابن شريق أخذ عصاه ثم خرج حتى أتى أبا سفيان بن حرب في بيته فقال أخبرني يا أبا حنظلة عن رأيك فيما سمعت من محمد قال يا أبا ثعلبة والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها وسمعت أشياء ما عرفت معناها ولا ما يراد بها قال الأخنس وأنا الذي حلفت به قال ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل فدخل عليه بيته فقال يا أبا الحكم ما رأيك فيما سمعت من محمد قال ماذا سمعت قال تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف أطعموا فأطعمنا وحملوا فحملنا وأعطوا فأعطينا حتى إذا تجاثينا على الركب وكنا كفرسي رهان قالوا منا نبي يأتيه الوحي من السماء فمتى ندرك هذه والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدقه قال فقام عنه الأخنس وتركه
تفسير بن كثير (47,48)سورة الإسراء
حب الزعامة وخوف فواتها وتركها قسرا أو اختيارا منع أهل مكة من تصديق النبى صلى الله عليه وسلم
وأيضا العصبية المقيتة التى منعتهم من اتباع النبى لألا يتميز عليهم بنوا عبد مناف
وفى أيامنا هذه قد تتغير المعايير التى يختار الناس على أساسها وتختل الموازين من العدل الى الجور والظلم ومخالفة الفطرة السليمة .
فالفلول مثلا منحقدهم على الثوار أو من شاركوا فى الثورة الذين نغصوا عليهم سلطانهم ونفوذهم على استعداد أن يخربوا فى البلد ويسلطوا البلطجية على الإخلال بالأمن ليثبتوا للناس أنهم كانوا فى حالة أفضل حينما كان يحكمهم (حسنى )ومجموعة اللصوص
وأيضا بعض الناس فى الإنتخابات القادمة لن يختاروا الناس على معايير الصلاحية والصلاح بل بدوافع العصبية والقرابة والغنى وهنا تتحقق نبوئة النبى بأن يأتى على الناس سنوات خداعات يخون فيها الأمين ويؤمن فيها الخائن وتختل فيها معاير الإختيار .
فالناس يعرفون عن فلان أنه سارق للمال العام ومرتشى وكذا وكذا الأ أنهم قد يختاروه يفضلوه على رجل صالح مصلح للمكان الذى يختار اليه .
ويقيسون بالمعايير الحديثة (لأنه رجل الحزب ,أو لأنه قرب ومن العائلة والقبيلة ,أو لآنه من الأغنياء والموسرين ,أو لأنه من الأذكياء الذين يستطيعون أن يلعبوا بالبيضة والحجر )
هل تعرف قصة اسلام الطفيل بن عمرو الدوسى
حينما قرر أهل مكة اطلاق حملة تشويه على النبى ومن أسلم معه رصدوا من يحذر القادمين الى مكة أن يستمعوا لسحر محمدواليك الخبر

الطفيل هو سيد دوس وهي قبيلة قوية وعظيمة وهو يختلف عن باقي السادة فلم يصل إلى رئاسة القبيلة من الوراثة فقط بل كان شاعراً يتقن اللغة العربية وشديد الذكاء وذو مكانة عالية كما كان ذو إحساس مرهف لذلك كان اهتمام قريش فيه اهتماماً خاصاً. هذه الشخصية الفذة الوافدة إلى مكة فقالوا إذا سمع الطفيل القرآن سيتأثر به ويفكر به ويسلم وهذه مصيبة لأن بإسلامه ستسلم قبيلة دوس فسنتكلم مع الطفيل لصده عن سماع القرآن فأول ما وصل إلى مكة جلسوا معه فعظموه وقالوا له إن هناك شخص يُدعى محمداً قد أعضل فينا وشتت جماعتنا وفرق بيننا فعنده كلام يفرق به بين الرجل وزوجته وبين الرجل وأبيه وبين الرجل وابنه وقالوا له وإنا نخشى عليك وعلى قومك ما قد دخل علينا فلا تكلمنّه ولا تسمعنّ منه شيئاً إن هذا ساحر فإياك أن تسمع شيئاً من القرآن فألقوا الرعب والخوف في قلبه، لكن هؤلاء المحاربين للقرآن في كل العصور والأزمان ينسون أن بحربهم الضروس على القرآن يوعون القلوب والعقول فالعاقل يبدأ يتساءل لماذا الحرب بين أعداء القرآن ومتبعيه؟ البشر اليوم يختلفون، حيال هذا الاختلاف والتعالي فهي مسألة تثير من له عقل وذهن. وظلت قريش تُرهب الطفيل حتى أخافته فسلك مسلكاً آخراً فأخذ لنفسه الحيطة والحذر من النبي صلى الله عليه وسلم وقال لا يمكن أن أمر على محمد صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ القرآن فيصل إلى أذني وأتأثر بكلامه فلا بد من إقامة موانع من أن يصل إلي سحر محمد (هو يتحدث عن نفسه) فوالله ما زالوا بي حتى أجمعت أن لا أسمع منه شيئاً حتى وضعت في أذني كُرسفاً (قطن) ومحمد صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن في الكعبة والطفيل يطوف وبدأ يحدث نفسه: أنت عجيب يا طفيل أنت رجل شاعر وذكي فكيف تسمع لهؤلاء؟ وقد كان يأتيه بعض الصوت، فنزع من أذنه الكرسف وأخذ يسمع وأعجب بما سمع فذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وجلس وقال يا محمد أسمعني ما عندك فجلس النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ عليه القرآن فتأثر بالقرآن وأسلم بعد أن قال في القرآن: " فلا والله ما سعت قولاً قط أحسن منه ولا أمراً قط أعدل منه" وأسلم طفيل وإسلامه كان الغاية من تأثير القرآن وفشلت قريش من منعه ورجع إلى قومه فأسلموا. إذن هذا الرجل أسلم بسبب إعجاز الٌقرآن وسحر بيانه.
فالناس يحتاجون الى أن تكون نفوسهم كنفس الطفيل يستمعون ثم يحكمون لماذا أجعل من غيرى وصيا على يفهمنى ما يريد لى أن أفهم , ويمنع عنى ما يريد ألا أعرفه وما فعله الطفيل احترم عقله منفسه وردها الى صوابها وعلم أنه يمتلك ميزان التفريق بين الغث والسمين والحق والباطل
الإنتخابات على الأبواب ونحتاج أن تكون نفوسنا كنفس الطفيل بن عمروا لدوسى نرشح ونختار الأصلح ونرمى خلف ظهورنا معايير الجاهلية البالية حتى نبرأساحتنا الى الله ونكون أصحاب فطر سليمة وفقنا الله لما فيه الخير لديننا
عبد الفتاح السقا

الأحد، 30 أكتوبر 2011

الإنتخابات سياسة أم دين


أحيانا حينما نتكلم على المنبر عن اللإنتخابات ووجوب التصويت نواجه بقول بعض الناس انت تتكلم فى السياسة والحقيقة ليس فى الإسلام فرق بين الدين والسياسة فالسياسة اذا قصدنا بها أمور الحكم والسلطان فهى من صميم الدين . فهم ذلك الصحابة حينما تركوا رسول الله مسجى وذهبوا الى سقيفة بنى ساعدة ليولوا خليفة لرسول الله والله قال فى كتابه أمرا نبيه (وأن احكم بينهم بما أنزل الله ) فهل هذا سياسة أم دين , وان قصدنا بالسياسة رعاية شؤون الناس (ساس يسوس ) فشؤون الناس أيضا من صميم الدين كان الله فى عون العبد ما دام العبد فى عون . والإنتخابات أيضا هل هى سياسة أم دين
السؤال يكون هكذا
هل تولية الحاكم على المسلمين مما يثاب عليه الإنسان أم من أمور الحياة التى قال فيها النبى أنتم أعلم بشؤن دنياكم
يأتيك الجواب من رسول الله أيضا فى قوله عن ابن عباس مرفوعاً : " من استعمل رجلا على عصابة وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين فها هو النبى صلى الله عليه وسلم يخبرنا ونحن بأصواتنا من ينصب الحاكم ومن ينوب عنا فى المجالس النيابية فهل نؤجر أم لا عندما نتقى الله فى اختيارنا
ألا فليتق الله كل من يختار انسان ليوليه على الناس وليعلم أنه مسؤول أمام الله لماذا صوت له ؟هل لأنه قريبه أو لأنه من بلده أم لأنه من الحزب أم لأنه من الفلول
ومن يختار انسان لكونه ارتأى فيه الصلاح والصلاحية فانه يؤجر عند الله
الإنتخابات والتصويت واجب شرعى على كل مسلم أن يحرص عليه حرصه على الصلاة والصيام لأننا لو تركناها للعلمانيين والفلول لأعادوها لجعلوا مصر علمانية لا تقوم فيها لدين الله قائمة ال بعد حين
اللهم اجعلها اسلامية
عبد الفتاح السقا

الخميس، 20 أكتوبر 2011

مقتل القذافى عبرة لمن يعتبر






الحمد لله رب العالمين مكن المظلوم رقاب الظالم
فانتقل الملك منه ليد المظلوم .
والصلاة والسلام على خير حاكم حكم الناس بالعدل ولم يتأذى منه انسان أو حيوان أو جماد
بل كانوا يحنون اليه فرأين من يبكى ويقول يا رسول الله تذكرت مكانك فى الجنة ومكانى فحزنت على فراقك فقال له المرأمع من أحب , وحن له الجمل وشكا اليه كثرة الكلف وقلة العلف فقال صلى الله عليه وسلم من لايرحم لايرحم, وحن الجذع اليه حينما اتخذ منبرا وبكى الجذع على فراق الحبيب .
رأينا ورأى العالم جميعا كيف كان مصير طاغية من الطغاة (القذافى ) حكم الناس وتملك أمرهم طيلة أربعين عاما ويزيد وتركه الناس مكرهين أو مختارين قائدا وزعيما يسكن القصور ويأكل الغالى من الطعام ويلبس الغالى من الثياب مرفه هو وأولاده ومن حوله , وحق عليه أن يشكر الشعب على هذا وأن يحكمهم بما يرضى الله تعالى .
لكنه يطغى ويتجبر فيستحل أموالهم ويستبيح دمائهم .
وردعن يحيى البرمكى
( قيل إن أولاد يحيى قالوا له وهم في القيود مسجونين يا أبة اصرنا بعد العز إلى هذا قال يا بني دعوة مظلوم غفلنا عنها لم يغفل الله عنها )
فسبحان المعز المذل
المشهد مؤلم أن يقبض على الرجل حيا تم يموت فى غموض لايعرف أحد له سرا قال أحد من يرى المشهد (ينفع رئيس جمهورية يتعمل فيه كدا ) فرددت عليه ( وهو ينفع رئيس جمهورية يعمل فى شعبه كده) لماذا لأن الظالمون مشهورون يركز الناس على مصيرهم ولا يذكرون لهم جرمهم .
هذا القذافى كان عدد الضحايا عشرون ألف من المقاتلين أى من خيرة الشباب والرجال .
أكان لزاما أن يموت كل هذا العدد أكان لزاما حتى يموت هذا (الجرذ ) أن يقتل كل هذه الألاف المؤلفة من الناس .
ماذا ربح القذافى بل ماذا ربحت ليبيا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لماذا يصر هؤلاء الناس على أن يموتوا وتنتهى حياتهم بهذا الشكل ( أولهم هارب , والثانى مسجون يحاحم , والثالث حرق وما اكتفى بحرقه حتى يصر على أن يقتل والرابع قتل وأبنائه ميتة الكلاب فى الشوارع )
أما من معتبر ألا من متعظ لماذا لاتصلهم الرسائل ولماذا لم يأخذوا العبرة ممن سبقهم .
القذافى يستحقها عن جدارة وليس أقل من هذه الميته .
من أول الثورة وأنا أتضر أن أراه معلقا فى سيارة ويسحل فى شوارع طرابلس .ولا يستحق الرجل ولا دمعة ولا حتى نظرة تأس وأسف عليه.
قال لشعبه من أنتم قالوا نحن قاتلوك
قال لشعبه أنتم جرذان أخرجوه من ماسورة مجارى ولا يسكنها الا الجرذان .
نلتها يا زعيم نلتها يا ملك ملوك أفريقيا
نلتها يا ساكن الخيمة
لعنة الله على زعامة يذل الحاكم بها شعبه
لعنة الله على ملك يبيح سرقة أموال الشعوب
لعنة الله على خيمة كانت تحاك فيها المؤمرات
لارحمك الله مالم ترعم رعيتك
عبد الفتاح السقا

الثلاثاء، 30 أغسطس 2011

الفتور بعد رمضان


ماذا بعد رمضان ؟ سؤال يردده الدعاة كثيراً بعد انقضاء هذا الموسم المبارك ، وذلك لما يرونه من انقلاب حال كثير من المسلمين عما كانوا عليه في شهر رمضان من الصيام والقيام والذكر وتلاوة القرآن إلى هجر ذلك كله ، والعودة إلى الغفلة واللهو ، حتى غدا هذا الأمر ظاهرة بارزة ، فبينا ترى المساجد في رمضان مكتظة بالمصلين والقارئين والذاكرين ، إذا بها بعد رمضان تئن من الهجر وتشكو الفراق والبعاد إلا من النزر اليسير ، وهي ظاهرة تقتضي من المصلحين وقفة مراجعة ، لتقويم العوج ومعالجة الخلل .

ولو رجعنا إلى الأسباب التي أدت إلى نشوء هذه الظاهرة لوجدنا أن من أهم الأسباب تحول رمضان - في نظر كثير من المسلمين - من إطار العبادة إلى إطار العادة ، فكثير من الناس لا ينظر إلى رمضان إلا على أنه شهر تمارس فيه عادات معينة ينبغي ألا يخالف الناس في أدائها ، فتجد البعض مثلا يصوم رمضان في حين أنه لا يصلي ، وربما صلى التراويح من غير أن يقوم بالفريضة ... وهكذا ، مما يؤكد أن هؤلاء لم يتعبدوا في رمضان إلا بمنطق العادة لا العبادة ، وبالتالي لم يحدث هذا الشهر التغيير المطلوب في حياتهم ، ولذا فما أن يخرج الشهر حتى يعود كل واحد إلى ما كان عليه .

وهناك سبب آخر وهو ما يشعر به المسلم - ولو كان عاصياً - من أجواء إيمانية في هذا الشهر المبارك نتيجة ما ميزه الله به من تصفيد الشياطين ، وإقبال النفوس على الطاعة ، وفتح أبواب الجنان ، وغلق أبواب النيران ، كل هذه الأجواء تساعد المسلم على التقرب إلى ربه ، والبعد عن المعاصي والسيئات ، فإذا انتهى رمضان واختفت تلك الأجواء عاد العاصي إلى معصيته .

ومن الأسباب كذلك ما يتسرب إلى النفوس الضعيفة من ملل وفتور بعد الحماس والنشاط ، ولعل المتابع يلحظ ذلك في تناقص المصلين في التراويح في آخر الشهر خلافاً لبدايته ، فالعبادة وإن كان لها أثر عظيم في طمأنينة النفس وسكونها ، إلا أنها تحتاج إلى مجاهدة ومغالبة للنفس وأهوائها ، لأن النفس مطبوعة على حب الدعة والقعود والإخلاد إلى العاجلة .

ولعلاج هذه الظاهرة ينبغي تعريف المسلم بعبوديته لربه ، وأن هذه العبودية عبودية دائمة غير مقيدة بزمان ولا مكان ، وعمل المؤمن لا ينقضي حتى يأتيه أجله ، قال الحسن البصري رحمه الله : " إن الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلاً دون الموت ثم قرأ قوله عز وجل:{ واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } (الحجر 99) .

وينبغي تعريف المسلم كذلك أن شهر رمضان فضيلة تفضل الله بها على عباده ، ليزدادوا إليه تقربا ، ويسارعوا في فعل الخيرات ، فإذا وقر ذلك في نفس المسلم كان أحرص على عبادة ربه طيلة عمره فلا يقطعه عنها انقضاء شهر أو دخوله .

وفيما يتعلق بالملل والفتور ينبغي أن يعلم المسلم أن العبادة كثيراً ما تأتي على خلاف هوى العبد ورغباته ، مما يتطلب قدراً من المجاهدة والمشقة في بداية الأمر حتى تألف النفس الطاعة ثم تستقيم على أمر الله ، قال سبحانه:{ والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين } (العنكبوت:69) وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال :( حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات ) رواه مسلم .

وحصول الفتور والتراخي بعد الجد والنشاط أمر وارد لأي عامل كما قال - صلى الله عليه وسلم - ( إن لكل عمل شرة وإن لكل شرة فترة فمن كانت شرته إلى سنتي فقد أفلح ومن كانت شرته إلى غير ذلك فقد هلك ) ، ولكن المحذور أن يخرجه الفتور إلى التفريط في الفرائض والواجبات وانتهاك المحرمات والمنهيات قال ابن القيم رحمه الله : " تخلل الفترات للسالكين أمر لا بد منه ، فمن كانت فترته إلى مقاربة وتسديد ، ولم تخرجه من فرض ، ولم تدخله في محرم رجي له أن يعود خيرا مما كان " ، وقال علي رضي الله عنه : "إن النفس لها إقبال وإدبار ، فإذا أقبلت فخذها بالعزيمة والعبادة ، وإذا أدبرت فأقصرها على الفرائض والواجبات " .

فينبغي للمسلم إذا شعر من نفسه الملل والفتور أن لا يستجيب لها فيترك العمل بالكلية ، ولكن ليعالج نفسه بشيء من الحكمة ، فلا يمنعها الترويح واللهو المباح ، كما أنه لا يقطعها عن العمل ، ولكن لا بد من الموازنة ، حتى لا تنفر النفس من الطاعة إذا أرغمها عليها العبد ، ولا يطلق لها العنان لتسبح في بحار اللهو والمعاصي دون حسيب أو رقيب ، والقصد القصد تبلغوا .

إن من استفاد من رمضان استفادة حقيقية لا بد وأن يكون حاله بعده خيراً من حاله قبله ، لأن من علامات قبول الحسنة الحسنة بعدها ، ومن علامات ردها العودة إلى المعاصي بعد الطاعات .

فاحرص - أخي الصائم - على المدوامة على الأعمال الصالحة التي تعودتها في هذا الشهر الكريم ، فإن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلَّ ، وقد سئلت عائشة رضي الله عنها كما في البخاري عن عمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقالت : " كان عمله ديمة " أي دائما مستمراً ، كالمطر الدائم الذي لا ينقطع .

وإذا كنا قد ودعنا شهر رمضان ، فإن المؤمن لن يودّع الطاعة والعبادة ما دام في صدره نفس يتردد ، أما أولئك الذين يهجرون المساجد والطاعات مع مطلع العيد ، فبئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان ، والله جل وعلا يقول : { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت } (الأنعام:162) ، فالحياة كلها يجب أن تكون لله في جميع الأحوال والأوقات والظروف .

فاجعل - أخي الصائم - من نسمات رمضان المشرقة مفتاح خير لسائر العام ، واستقم على طاعة ربك ، وداوم ولو على القليل من العمل الصالح ، واسأله الثبات حتى الممات
منقول للفائدة اسلام ويب .
عبد الفتاح السقا

الجمعة، 19 أغسطس 2011

ليلة القدر


الحمد لله رب العالمين ، مفضل الأماكن والأزمان على بعضها بعضا ،الذي أنزل القرآن في الليلة المباركة ، والصلاة والسلام على من شد المئزر في تلك الليالي العظيمة المباركة ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه الغر الميامين .. أما بعد
لقد اختص الله تبارك وتعالى هذه الأمة المحمدية على غيرها من الأمم بخصائص ، وفضلها على غيرها من الأمم بأن أرسل إليها الرسل وأنزل لها الكتاب المبين كتاب الله العظيم ، كلام رب العالمين في ليلة مباركة هي خير الليالي ، ليلة اختصها الله عز وجل من بين الليالي ، ليلة العبادة فيها هي خير من عبادة ألف شهر ، وهي ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر .. ألا وهي ليلة القدر مبيناً لنا إياها في سورتين
قال تعالى في سورة القدر :{ إنا أنزلناهُ في ليلةِ القدر *وما أدراكَ ما ليلةُ القدر * ليلةُ القدرِ خيرٌ من ألفِ شهر * تَنَزلُ الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كلِ أمر *سلامٌ هي حتى مطلع الفجر }

وقال تعالى في سورة الدخان :{ إنا أنزلناهُ في ليلةٍ مباركةٍ إنا كنا مُنذٍرين * فيها يُفرَقُ كلُ أمرٍ حكيم }


سبب تسميتها بليلة القدر

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى
أولا : سميت ليلة القدر من القدر وهو الشرف كما تقول فلان ذو قدر عظيم ، أي ذو شرف
ثانيا : أنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة ، فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام ، وهذا من حكمة الله عز وجل وبيان إتقان صنعه وخلقه .
ثالثا : وقيل لأن للعبادة فيها قدر عظيم لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه

علامات ليلة القدر

ذكر الشيخ بن عثيمين رحمه الله أن لليلة القدر علامات مقارنة وعلامات لاحقة

العلامات المقارنة

قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة ، وهذه العلامة في الوقت الحاضر لا يحس بها إلا من كان في البر بعيداً عن الأنوار
الطمأنينة ، أي طمأنينة القلب ، وانشراح الصدر من المؤمن ، فإنه يجد راحة وطمأنينة وانشراح صدر في تلك الليلة أكثر من مما يجده في بقية الليالي
أن الرياح تكون فيها ساكنة أي لا تأتي فيها عواصف أو قواصف ، بل بكون الجو مناسبا
أنه قد يُري الله الإنسان الليلة في المنام ، كما حصل ذلك لبعض الصحابة رضي الله عنهم .
أن الانسان يجد في القيام لذة أكثر مما في غيرها من الليالي

العلامات اللاحقة

أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع ، صافية ليست كعادتها في بقية الأيام ، ويدل لذلك حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال : أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنها تطلع يومئذ ٍ لا شعاع لها ) -رواه مسلم

فضائل ليلة القدر

أنها ليلة أنزل الله فيها القرآن ، قال تعالى { إنا أنزلناه في ليلة القدر }
أنها ليلة مباركة ، قال تعالى { إنا أنزلناه في ليلة مباركة }
يكتب الله تعالى فيها الآجال والأرزاق خلال العام ، قال تعالى { فيها يفرق كل أمر حكيم }
فضل العبادة فيها عن غيرها من الليالي ، قال تعالى { ليلة القدر خير من ألف شهر}
تنزل الملائكة فيها إلى الأرض بالخير والبركة والرحمة والمغفرة ، قال تعالى { تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر }
ليلة خالية من الشر والأذى وتكثر فيها الطاعة وأعمال الخير والبر ، وتكثر فيها السلامة من العذاب ولا يخلص الشيطان فيها إلى ما كان يخلص في غيرها فهي سلام كلها ، قال تعالى { سلام هي حتى مطلع الفجر }
فيها غفران للذنوب لمن قامها واحتسب في ذلك الأجر عند الله عز وجل ، قال صلى الله عليه وسلم : ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) - متفق عليه


وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
منقولة للفائدة
http://ar.islamway.com/article/270
عبد الفتاح السقا